ترقق العظام: الأسباب والعلاج

ترقق العظام (Osteoporosis): الأسباب، الأعراض، العلاج والوقاية

مقدمة

ترقق العظام أو “Osteoporosis” هو مرض مزمن يتسم بانخفاض كثافة العظام وضعف هيكلها، مما يجعلها أكثر عرضة للكسر. يعتبر هذا المرض من بين أكثر الأمراض التي تؤثر على كبار السن، خاصة النساء بعد سن اليأس، ولكن يمكن أن يصيب الأشخاص في أي مرحلة من حياتهم. يطلق عليه أيضاً “نخر العظام”، لأنه يتسبب في تآكل العظام مع مرور الوقت. يؤثر هذا المرض بشكل رئيسي على العظام المسامية التي تحتوي على مسام أكبر من العظام السليمة، مما يجعلها أكثر هشاشة.

أسباب ترقق العظام

ترقق العظام هو نتيجة لتوازن غير سليم بين تكوين العظام وامتصاصها. ففي الجسم السليم، يتم تكوين عظام جديدة بشكل دوري لتعويض العظام التي تم امتصاصها، لكن في حالة ترقق العظام، تفوق عملية امتصاص العظام القديمة عملية بناء العظام الجديدة. هناك العديد من العوامل التي يمكن أن تسهم في تطور هذا المرض:

1. العوامل الوراثية: تلعب العوامل الجينية دوراً مهماً في الإصابة بترقق العظام. إذا كان هناك تاريخ عائلي للمرض، فإن الشخص يكون أكثر عرضة للإصابة.

2. التقدم في العمر: مع تقدم الإنسان في العمر، تصبح العظام أكثر هشاشة، حيث يزداد معدل امتصاص العظام وتقل قدرة الجسم على تكوين عظام جديدة.

3. الجنس: النساء أكثر عرضة للإصابة بترقق العظام مقارنة بالرجال. ويعود ذلك إلى تأثير التغيرات الهرمونية، خصوصاً بعد انقطاع الطمث، الذي يؤدي إلى انخفاض مستويات الإستروجين الذي يحافظ على صحة العظام.

4. نقص الكالسيوم وفيتامين د: الكالسيوم وفيتامين د عنصران أساسيان لبناء العظام. نقصهما في النظام الغذائي يمكن أن يؤدي إلى ضعف العظام وزيادة خطر الإصابة بالترقق.

5. النشاط البدني القليل: عدم ممارسة التمارين الرياضية، خاصة تلك التي تحمل وزن الجسم مثل المشي والركض، يؤدي إلى تقليل كثافة العظام.

6. العوامل الهرمونية: بعض الاضطرابات الهرمونية، مثل فرط نشاط الغدة الدرقية أو نقص هرمونات الغدة الكظرية، قد تؤدي إلى ضعف العظام.

7. التدخين وشرب الكحول: التدخين وشرب الكحول بكميات كبيرة يمكن أن يضعف العظام ويسهم في فقدان الكالسيوم.

8. الأدوية: بعض الأدوية مثل الكورتيكوستيرويدات قد تؤثر سلباً على صحة العظام وتزيد من خطر الإصابة بترقق العظام.

أعراض ترقق العظام

غالباً ما يكون ترقق العظام مرضاً صامتاً في مراحله المبكرة، مما يعني أنه لا يظهر أي أعراض واضحة حتى تبدأ العظام في الضعف والانكسار. ومع تقدم المرض، قد تظهر بعض الأعراض التي تشمل:

1. الكسور المتكررة: كسور العظام التي تحدث بسهولة أكبر من المتوقع، خاصة في العظام المسامية مثل العمود الفقري، الورك، والمعصم.

2. ألم الظهر: قد يعاني المرضى من آلام شديدة في الظهر نتيجة لانكسار الفقرات أو تضررها.

3. انحناء الظهر: نتيجة للكسور في الفقرات، قد يظهر تقوس في الظهر أو تراجع في الطول.

4. صعوبة الحركة: قد يواجه الشخص صعوبة في أداء الأنشطة اليومية بسبب الألم الناتج عن الكسور أو ضعف العظام.

تشخيص ترقق العظام

يتم تشخيص ترقق العظام عادةً من خلال اختبار كثافة العظام. أكثر الاختبارات شيوعاً هو اختبار DEXA (Dual-energy X-ray Absorptiometry)، الذي يقدر كثافة العظام في مناطق مختلفة من الجسم مثل الفخذ والعمود الفقري. يساعد هذا الاختبار في تحديد مدى هشاشة العظام وتحديد خطر الإصابة بالكسور في المستقبل.

علاج ترقق العظام

لا يمكن علاج ترقق العظام بشكل كامل، ولكن يمكن تقليل تأثيراته والتحكم في تطور المرض من خلال مجموعة من العلاجات:

1. الأدوية:

   • البايفوسفونات: مثل الأليندرونات والرازيدونات، وهي أدوية تساعد في تقوية العظام والحد من معدل فقدان العظام.

   • مُعدلات مستقبلات الإستروجين: مثل تاموكسيفين، والتي تساعد في الحفاظ على كثافة العظام لدى النساء بعد سن اليأس.

   • العلاج بالهرمونات: قد يكون العلاج بالإستروجين أو هرمونات أخرى جزءاً من العلاج في بعض الحالات، رغم أن استخدامه محدود بسبب بعض الآثار الجانبية.

   • الهرمونات الغدية: مثل كالسيتونين، والتي تساعد في تقوية العظام عن طريق تقليل امتصاصها.

2. التغذية:

   • الكالسيوم وفيتامين د: من الضروري أن يحصل الشخص المصاب بترقق العظام على كميات كافية من الكالسيوم وفيتامين د. يمكن الحصول على الكالسيوم من منتجات الألبان والخضروات الورقية الداكنة، بينما يساعد فيتامين د في تحسين امتصاص الكالسيوم من الأمعاء.

   • النظام الغذائي المتوازن: يجب أن يشمل النظام الغذائي الأطعمة الغنية بالكالسيوم والفيتامينات والمعادن الأخرى التي تدعم صحة العظام، مثل المغنيسيوم والفوسفور.

3. التمارين الرياضية:

   • التمارين التي تحمل وزن الجسم: مثل المشي، والركض، ورفع الأثقال، يمكن أن تساعد في تقوية العظام وزيادة كثافتها.

   • التمارين التي تحسن التوازن والقوة: مثل اليوغا والتاي تشي، يمكن أن تساعد في منع السقوط والكسور المرتبطة بذلك.

4. الجراحة: في بعض الحالات المتقدمة من ترقق العظام، قد يتطلب الأمر إجراء عمليات جراحية لعلاج الكسور أو لتقوية العظام المكسورة.

الوقاية من ترقق العظام

يمكن اتخاذ خطوات للوقاية من ترقق العظام أو تقليل خطر الإصابة به:

1. اتباع نظام غذائي صحي: تناول الأطعمة الغنية بالكالسيوم وفيتامين د، مثل الحليب، والجبن، والخضروات الورقية، والأسماك الدهنية.

2. ممارسة الرياضة بانتظام: من المهم ممارسة التمارين التي تعزز كثافة العظام، مثل تمارين تحمل الوزن ورفع الأثقال.

3. الإقلاع عن التدخين: يساعد الإقلاع عن التدخين في الحفاظ على صحة العظام.

4. الحد من شرب الكحول: الحد من تناول الكحول يمكن أن يساعد في الحفاظ على صحة العظام.

5. التحقق من كثافة العظام: يُنصح الأشخاص الذين لديهم عوامل خطر بالإجراءات الوقائية مثل فحص كثافة العظام بشكل منتظم.

الخاتمة

يعتبر ترقق العظام مرضاً صامتاً في كثير من الأحيان، ولكنه يحمل معه العديد من المخاطر والتحديات الصحية. من خلال الوقاية المبكرة والعلاج المناسب، يمكن إدارة هذا المرض وتحسين جودة الحياة لأولئك المصابين به. من الضروري أن يدرك الأفراد العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بترقق العظام وأن يتخذوا الإجراءات اللازمة للحفاظ على صحة عظامهم طوال حياتهم.